Monday, August 22, 2011

حماة.. تاريخ من التضحيات


حماة.. تاريخ من التضحيات

 كتبت رانيا أبو زيد من مدينة حماة السورية لمجلة تايم الأميركية تقول إن حماة أصبحت مدينة تملؤها القبور، بعدما أصبح من الصعب على الأهالي إيصال موتاهم إلى المقابر لشدة القصف وكثافة نيران القوات السورية التي تقوم بحملة لإسكات انتفاضة المدينة التي شهدت مجازر بحق أهلها منذ حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
وتضرب رانيا مثالا على انتشار القبور في حماة، وتقول إن الزائر لحديقة عامة في شارع 40 بالمدينة يرى أن هناك تسعة قبور حديثة في الحديقة.
وتقول إن الأهالي قالوا إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى المقبرة التي تبعد عدة كيلومترات، لأن القصف كان شديدا على المدينة فاضطروا إلى دفن الموتى في الحديقة العامة.
وتتناول الكاتبة قصة قبرين في تلك الحديقة وهما لمواطن سوري اسمه صفوان المصري (20 عاما) وأخته بيان (16 عاما)، وقد سقطا صرعى بنيران قوات بشار الأسد يوم 3 أغسطس/آب الجاري بعد أيام من اجتياح المدينة التي كانت محاصرة لنحو شهر.
وتنقل عن رجل يسكن قرب الحديقة قوله إن صفوان وبيان كانا في سيارة وحاولا الهروب من القصف لكنهما أرديا قتيلين بنيران نقطة تفتيش، وظلت جثتاهما في السيارة لمدة أربع ساعات قبل أن يستغل عدد من الرجال فرصة انخفاض وتيرة إطلاق النار لإخرجهما من السيارة ودفنهما في الحديقة.
وتتحدث رانيا إلى مواطن سوري آخر اسمه أبو إبراهيم (26 عاما) فيقول "كان هناك العديد من الجثث في الشوارع، وقد انتشلنا كل ما استطعنا الوصول إليه، لكن قوات الأمن أخذت الكثير من الجثث".
يسكن مدينة حماة نحو 800 ألف نسمة، وتنتشر فيها قبور عشوائية عديدة بالإضافة إلى قبور جماعية، وهي ليست نتاج الانتفاضة الأخيرة فقط، بل هناك قبور تعود إلى مجازر عام 1982 عندما أرسل الرئيس الراحل حافظ الأسد والد الرئيس السوري الحالي بشار الأسد قواته العسكرية مدعومة بالطائرات لسحق انتفاضة قام بها الإسلاميون ضد النظام الحاكم.
تقول الكاتبة إن عدد الذين قتلوا في القصف آنذاك يبلغ نحو 10 آلاف شخص، إلا أنه من المستحيل معرفة العدد الحقيقي. كل ما يمكن قوله إن كل من يتحدث عن تلك الفترة الدامية من أهل حماة يستطيع أن يعدد الكثير من أقاربه الذين سقطوا قتلى في القصف، أي أن الموت طال كل عائلة في المدينة. ولا تزال آثار الرصاص والقنابل ترى على بعض مباني المدينة.
وتنقل عن الأهالي أن هناك عدة أماكن في حماة تحتوي على قبور جماعية لقتلى هجوم عام 1982، مثل موقع سوق الخضار والحديقة المجاورة لمسجد أبو بكر الصديق في الحميدية. كما تنقل عن مواطنين من حماة أنهم منعوا حتى من الصلاة على قتلاهم لأن النظام السوري يكن أشد العداء لكل من يخاصمه، وأن ذلك العداء لا ينهيه حتى موت الخصوم.

حديقة مسجد أبو بكر الصديق تستقبل اليوم المزيد من الجثث التي أضيفت إلى تلك التي ترقد فيها منذ مجزيرة الثمانينيات. 13 قبرا أضيفت مؤخرا لأشخاص قتلوا على يد نظام لا يتقبل أي معارضة.
وتتحدث الكاتبة إلى مواطن اسمه عبد الحليم (40 عاما) يفسر سبب عدم وجود شواهد لبعض القبور بأن "ذلك لضمان عدم ملاحقة عوائل الشهداء.. يوجد هنا قبور منذ عام 1982.. رأيت القتلى بنفسي".
ويتذكر عبد الحليم كيف لحق بوالده وزوج أخته إلى المسجد إبان أحداث عام 1982 ورأى الجثث مكومة فوق بعضها، ويقول "رأيت الكثير من الجثث، جلهم من الرجال.. كانت الجثث فوق بعضها البعض.. غضب والدي كثيرا لأنني تبعته.. تسبب لي ذلك بمشاكل كبيرة.. لم يشأ والدي أن أرى ذلك المنظر.. لن أنسى ذلك المنظر ما حييت".
ويصمت عبد الحليم للحظات ويقول للكاتبة مجددا "لقد أرجعتني مشاهد اليوم ثلاثين عاما إلى الوراء.. أتذكر تماما ما حدث عام 1982.. قتل سبعة من أعمامي".




وتشير الكاتبة إلى أن حديقة شارع 40 وحديقة مسجد أبو بكر الصديق ليستا الوحيدتين في حماة، بل هناك غيرهما الكثير من الحدائق التي استخدمت مقابر لدفن جثث المعارضين لنظام الأسد مثل حي القصور وغيرها


المصدر الجزيرة. نت عن تايم